تراجع أسعار النفط تحت ضغط العوامل الاقتصادية والجيوسياسية: هل يستمر الهبوط؟

Oil Prices Decline Under Economic and Geopolitical Pressures

تراجع أسعار النفط تحت ضغط العوامل الاقتصادية والجيوسياسية: هل يستمر الهبوط؟

عوامل سلبية تضغط على الأسعار والمضاربون يراهنون على مزيد من الانخفاض

شهدت أسعار النفط هبوطًا حادًا هذا الأسبوع، متجاوزة نطاق التداول المستقر الذي استمر لأشهر، لتصل إلى أدنى مستوياتها في ثلاث سنوات.
ومع تزايد الضغوط الاقتصادية والجيوسياسية، يتساءل المستثمرون عما إذا كان هذا التراجع سيستمر في المستقبل القريب.

 

المحتوى
ضغوط الأسواق
أسعار النفط

 

 

 

 

 

ضغوط الأسواق

 

ضغوط متزايدة تؤثر على السوق

تضافرت عدة عوامل رئيسية لتشكل واحدة من أكثر الفترات التشاؤمية في تاريخ سوق النفط الحديث.
فقد أعلنت منظمة “أوبك” وحلفاؤها بشكل مفاجئ عن نية زيادة الإنتاج، رغم تداول خام برنت حول 70 دولارًا للبرميل، وهو تحول كبير عن جهود المنظمة السابقة لدعم الأسعار.

في الوقت ذاته، تواصل التهديدات التجارية التي يطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب الضغط على الأسواق، حيث يلوّح بإجراءات قد تؤثر على الطلب العالمي على النفط.
ومن ناحية أخرى، شهدت التوترات الجيوسياسية تهدئة نسبية، بعد إعلان روسيا استعدادها لمناقشة هدنة في أوكرانيا، ما قلل من المخاطر المرتبطة بالإمدادات.

بالإضافة إلى ذلك، طلبت الصين، أكبر مستورد للنفط عالميًا، من مصافيها تقليل إنتاج الوقود الأساسي مثل البنزين والديزل، م
ما يعكس توقعات متغيرة بشأن الطلب في المستقبل.
كل هذه العوامل مجتمعة دفعت العقود الآجلة لخام برنت إلى كسر نطاقها السابق بين 70 و85 دولارًا للبرميل، مما عزز التوقعات باستمرار الانخفاض.

 

صناديق التحوط تخفض مراكزها الشرائية

في إشارة أخرى إلى تزايد الرهانات على انخفاض الأسعار،
قامت صناديق التحوط بتخفيض عقود الشراء الخاصة بخام غرب تكساس الوسيط بمقدار 2266 عقدًا، لتصل إلى 172576 عقدًا،
وهو أدنى مستوى لها منذ عام 2010، وفقًا للجنة تداول العقود الآجلة للسلع في الولايات المتحدة.

أما بالنسبة لخام برنت، فقد شهد أكبر انخفاض منذ يوليو، مع تراجع عقود الشراء بمقدار 41583 عقدًا، وفقًا لبيانات بورصة “إنتركونتيننتال إكستشينج” الأوروبية.

وذكرت شركة “كايلر كابيتال”، المتخصصة في استشارات تداول النفط، أن “ترمب يضغط على (أوبك) لزيادة الإنتاج،
بينما يسعى في الوقت ذاته إلى تهدئة التوترات بين روسيا وأوكرانيا”، مضيفة أن “النتيجة النهائية هي تحوّل هبوطي في سوق النفط،
مما يزيد من حالة عدم اليقين ويدفع الأسعار إلى الأسفل”.

 

وول ستريت تعدّل توقعاتها للأسعار

مع تزايد العوامل السلبية، خفضت بنوك الاستثمار الكبرى توقعاتها لأسعار النفط.
فقد عدّل “مورغان ستانلي” توقعاته لسعر خام برنت إلى 70 دولارًا للبرميل خلال العام الجاري، بانخفاض قدره 5 دولارات عن التقديرات السابقة.

أما “غولدمان ساكس”، فقد أشار إلى احتمال انخفاض الأسعار إلى ما دون نطاق 70-85 دولارًا للبرميل،
في حين ذهب “جيه بي مورغان” إلى حد توقع هبوط النفط إلى 50 دولارًا خلال مؤتمر للطاقة في لندن.
وبالمثل، رجح “سيتي غروب” وصول الأسعار إلى 60 دولارًا للبرميل.

 

 

 

 

أسعار النفط

 

انخفاض أسعار نفط الشرق الأوسط

بدأت علامات الضعف تظهر في سوق خامات الشرق الأوسط، التي كانت تُعد من بين الأكثر استقرارًا بعد العقوبات الأميركية على النفط الروسي والإيراني.
حيث تراجعت أسعار هذه الخامات مقارنة بمؤشر دبي الإقليمي، نتيجة لانخفاض الطلب على الشحنات البديلة.

كما تقلّصت علاوة خام “مربان”، أحد أهم الخامات للمشترين الآسيويين، على خام دبي، في ظل استمرار انخفاض الطلب في الأسواق الآسيوية،
خاصة مع تراجع واردات الصين من النفط بنسبة 5% خلال أول شهرين من العام.

إلى جانب ذلك، تواجه الإمدادات العالمية ضغوطًا متزايدة مع استعداد كازاخستان لزيادة صادراتها النفطية هذا الشهر بعد توسعة أحد أكبر حقولها.
كما تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يكون هناك فائض في المعروض خلال العام، حتى قبل القرارات الأخيرة لـ “أوبك+”.

 

 

مخاطر إيران وتأثيرها على السوق

ورغم التوقعات الهبوطية، فإن هناك بعض العوامل التي قد تحدّ من استمرار انخفاض الأسعار.
فإدارة ترمب تواصل الضغط على إيران، حيث صرّح وزير الخزانة الأميركي بأن الهدف هو تقليص صادرات النفط الإيرانية بأكثر من 90%.
كما تدرس الولايات المتحدة سحب ترخيص “شيفرون” لضخ وبيع النفط الفنزويلي، مما قد يؤدي إلى تقليص الإمدادات العالمية بمقدار 200 ألف برميل يوميًا.

وفي ظل تصاعد التوترات بين إسرائيل وحماس، تبقى الأسواق في حالة ترقب لأي تطورات قد تؤدي إلى اضطرابات في الإنتاج.
كما تسعى وزارة الطاقة الأميركية إلى تخصيص 20 مليار دولار لإعادة ملء الاحتياطي الاستراتيجي، مما قد يزيد الطلب على النفط.

 

 

سياسات ترمب وتأثيرها على السوق

إلى جانب العوامل المتعلقة بالعرض والطلب، فإن التأثير الأوسع لسياسات ترمب الاقتصادية ينعكس على أسواق النفط.
فمع تراجع أسواق الأسهم الأميركية بنسبة 6% خلال الأسابيع الأخيرة،
وهبوط ثقة المستهلك الأميركي بأكبر وتيرة منذ عام 2021، بدأت الأسواق المالية تشهد حالة من عدم الاستقرار.

وقال ألدو سبانجر، كبير استراتيجيي السلع في “بي إن بي باريبا”: “التعريفات الجمركية التي فرضها ترمب تؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي،
وهناك قلق متزايد بشأن تباطؤ الاقتصاد الأميركي”.
وأضاف: “هذه الظروف تعزز المراهنات على تراجع أسعار النفط، وتقلل من احتمالات الشراء في المستقبل القريب”.

في ظل هذه المعطيات، يبقى سوق النفط في حالة تقلب،
حيث تعتمد الاتجاهات المستقبلية بشكل كبير على التطورات الاقتصادية العالمية والسياسات الجيوسياسية، مما يجعل المستثمرين في حالة ترقب مستمرة.

 

 

تراجع أسعار النفط تحت ضغط العوامل الاقتصادية والجيوسياسية: هل يستمر الهبوط؟