أسواق النفط والذهب بين تقلبات المعروض والتوترات الاقتصادية
استقرت أسعار النفط بعد مكاسب قوية وسط مخاوف من نقص الإمدادات الروسية،
بينما سجل الذهب مستويات قياسية جديدة مدفوعًا بحالة عدم اليقين الاقتصادي وتصاعد التوترات الجيوسياسية.
المحتوى
النفط
خام برنت يقترب من 76 دولارًا للبرميل بعد ارتفاع 1.6% في الجلسة السابقة
شهدت أسعار النفط استقرارًا بعد تسجيلها أكبر مكاسب في نحو أربعة أسابيع،
حيث غلبت المخاوف بشأن تقلص إمدادات النفط الروسي على القلق من تداعيات تصعيد الرئيس الأميركي دونالد ترمب للرسوم الجمركية.
تداولت العقود الآجلة لخام برنت بالقرب من مستوى 76 دولارًا للبرميل بعد أن حققت ارتفاعًا بنسبة 1.6% يوم الاثنين،
في حين استقر خام غرب تكساس الوسيط فوق 72 دولارًا، محافظًا على مكاسب استمرت ليومين.
وكشفت بيانات حديثة أن إنتاج النفط الروسي واصل تراجعه، ليظل أقل من الحصة المقررة لروسيا بموجب اتفاق “أوبك+”، وفقًا لمصادر مطلعة.
افتتح النفط العام بتقلبات واضحة، حيث ساهم الطلب المتزايد على التدفئة نتيجة الطقس البارد في نصف الكرة الشمالي،
بالإضافة إلى العقوبات الأميركية على النفط الروسي، في دعم الأسعار.
ومع ذلك، تعرضت السوق لضغوط خلال الأسابيع الثلاثة الماضية نتيجة تصاعد المخاوف
من أن تؤدي سياسات الرسوم الجمركية التي ينتهجها الرئيس ترمب إلى اندلاع حروب تجارية متعددة.
تأثير الرسوم الجمركية وتصاعد التوترات الجيوسياسية
فرض ترمب رسومًا جمركية بنسبة 25% على جميع واردات الصلب والألمنيوم الأميركية،
بما في ذلك الواردات من كندا والمكسيك، وهما من أكبر موردي المعادن للولايات المتحدة.
ومن المقرر أن تدخل هذه التعريفات حيز التنفيذ في 4 مارس، حيث أشار الرئيس الأميركي إلى إمكانية زيادتها لدعم الإنتاج المحلي.
في هذا السياق، أوضح كريس ويستون، رئيس الأبحاث في شركة “بيبرستون”،
أن قياس التأثير الفعلي لهذه التعريفات لا يزال يمثل تحديًا،
على الرغم من أن تحركات السوق قصيرة الأجل تشير إلى أن الأسعار قد تكون وصلت إلى مستوى دعم مؤقت.
من ناحية أخرى، أدلى ترمب بتصريحات تتعلق بإمكانية إلغاء إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار مع حماس إذا لم يتم الإفراج عن الرهائن،
مما يزيد من احتمالات تصاعد التوترات في المنطقة، وهو ما قد يؤثر على أسواق الطاقة العالمية.
إشارات على شح المعروض وزيادة الطلب
تُظهر الأسواق إشارات على نقص المعروض، خاصة في منطقة الشرق الأوسط،
حيث أدى تراجع الإمدادات المنافسة إلى تمكين المنتجين في المنطقة من رفع الأسعار للمشترين في آسيا.
وفي أوروبا، ساهمت أسعار الغاز الطبيعي المرتفعة في تعزيز الطلب على النفط كبديل أكثر كفاءة من حيث التكلفة.
.
الذهب
الأونصة تصل إلى 2942 دولارًا قبل أن تتراجع قليلًا بفعل الإقبال على الملاذات الآمنة
ارتفعت أسعار الذهب إلى مستوى قياسي جديد، مدعومة بتصاعد حالة عدم اليقين الاقتصادي
بعد فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسومًا جمركية بنسبة 25% على واردات الصلب والألمنيوم.
هذه التطورات دفعت المستثمرين نحو الملاذات الآمنة، مما عزز الطلب على المعدن النفيس.
وصل سعر الأونصة إلى 2942 دولارًا قبل أن يشهد تراجعًا طفيفًا، بعدما سجل ارتفاعًا بنسبة 1.7% في الجلسة السابقة.
وأكد ترمب أن الرسوم الجمركية التي ستُطبق في 4 مارس تهدف إلى تعزيز الصناعة المحلية وخلق المزيد من الوظائف داخل الولايات المتحدة،
محذرًا من احتمال زيادتها، وهو ما عزز من جاذبية الذهب كأداة للتحوط من التقلبات الاقتصادية.
ارتفاع مستمر مدفوع بالمخاطر الاقتصادية والجيوسياسية
شهد الذهب مكاسب بنسبة 11% منذ بداية العام، حيث استمر في تسجيل أرقام قياسية متتالية بفضل حالة عدم اليقين الناجمة عن سياسات التجارة الأميركية والتوترات الجيوسياسية.
ويترقب المستثمرون شهادة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، أمام الكونغرس للحصول على إشارات حول توجهات السياسة النقدية.
أدى ارتفاع توقعات التضخم على المدى القصير مقارنة بالمدى الطويل إلى تسجيل أكبر فجوة منذ عام 2023،
حيث بلغ معدل التعادل لمدة خمس سنوات 2.64% يوم الاثنين، مما قد يدفع البنك المركزي الأميركي إلى إبطاء وتيرة تخفيف سياسته النقدية.
وفي حال تبني الاحتياطي الفيدرالي نهجًا أكثر تشددًا، فقد يواجه الذهب ضغوطًا نظرًا لعدم تقديمه أي عوائد فائدة.
الطلب المؤسسي يدعم مكاسب الذهب
في تطور آخر، قام بنك الصين المركزي بزيادة احتياطياته من الذهب للشهر الثالث على التوالي خلال يناير،
مما يعكس التزامه بتنويع أصوله حتى مع وصول الأسعار إلى مستويات تاريخية.
كما سمحت الصين لأول مرة لـ10 من أكبر شركات التأمين بالاستثمار في الذهب بنسبة تصل إلى 1% من أصولها،
وهو ما قد يترجم إلى تدفقات نقدية تقدر بنحو 200 مليار يوان (27.4 مليار دولار)، وفقًا لتقديرات “مينشنغ سيكيوريتيز”.
في الأسواق الفورية، ارتفع سعر الذهب بنسبة 0.4% ليصل إلى 2928.36 دولارًا للأونصة حتى الساعة 7:50 صباحًا في سنغافورة،
بينما أضاف مؤشر الدولار الفوري لبنك بلومبرغ 0.1% بعد مكاسب بنسبة 0.2% في الجلسة السابقة.
كما شهدت الفضة والبلاتين مكاسب طفيفة، في حين تراجع سعر البلاديوم.
بهذا، يواصل الذهب والنفط حركتهما وسط حالة من عدم اليقين الاقتصادي والسياسي،
مما يجعل متابعة الأسواق ضرورة ملحة للمستثمرين خلال الفترة المقبلة.
أسواق النفط والذهب بين تقلبات المعروض والتوترات الاقتصادية