تباطؤ الذكاء الاصطناعي: فرصة لإعادة التقييم أم إشارة للتحديات

AI Slowdown: A Chance for Reassessment or a Sign of Challenges

تباطؤ الذكاء الاصطناعي: فرصة لإعادة التقييم أم إشارة للتحديات : شهدت طفرة الذكاء الاصطناعي،
التي تقدر قيمتها بتريليونات الدولارات،
إيماناً واسع النطاق بأن النماذج التوليدية ستستمر في تحقيق تقدم سريع.
لكن الواقع الحالي يشير إلى عكس ذلك.

 

المحتوى

مبدأ الزيادة المطردة
شكوك حول استدامة التوسع
من هم المستفيدون

منحنى الركود

تحسين النماذج بمعايير جديدة
فرصة للتنظيم وزيادة الإنتاجية
الخلاصة

 

 

 

 

مبدأ الزيادة المطردة

يعتمد مبدأ “الزيادة المطردة” على فرضية أن تزويد نماذج الذكاء الاصطناعي
بمزيد من البيانات وقوة الحوسبة يؤدي دائماً إلى تحسين مستمر في الأداء.
إلا أن تقارير حديثة كشفت أن هذا الافتراض لم يعد قائماً؛
فالشركات الكبرى تجد صعوبة في تحقيق تحسينات جوهرية في نماذجها مقارنة بالماضي.

وفقاً لتقرير نشرته بلومبرغ نيوز،
فإن نموذج “أوريون” (Orion) من شركة أوبن إيه آي (OpenAI)
لم يظهر تحسيناً كبيراً مقارنة بسابقه “جي بي تي-4” (GPT-4)،
بينما كان التقدم في “جيميناي” (Gemini) من غوغل طفيفاً،
وتأخرت شركة أنثروبيك (Anthropic) في إطلاق نموذجها المرتقب “كلود” (Claude).

 

شكوك حول استدامة التوسع

رغم تصريحات كبار المسؤولين في شركات مثل أوبن إيه آي وغوغل بأن التقدم لم يصل إلى مرحلة الثبات،
فإن مؤشرات التباطؤ بدأت تظهر بوضوح.
وقد حذر خبراء، من بينهم إيليا سوتسكيفر من أوبن إيه آي، بأن عصر “التوسع الضخم” قد بلغ ذروته.
ووصف المرحلة الحالية بأنها “عصر التساؤل والاكتشاف”،
وهو تعبير يوحي بغياب الرؤية الواضحة للخطوة المقبلة.

هذا الوضع يثير القلق بين المستثمرين الذين رصدوا ميزانيات ضخمة تتجاوز
التريليون دولار لتطوير بنى تحتية قادرة على تحقيق طموحات الذكاء الاصطناعي.
تحقيق أجرته بلومبرغ نيوز كشف أن بنوكاً وشركات استثمار كبرى أنفقت مليارات الدولارات
على مراكز بيانات ضخمة، مما يزيد من ضغط توقعات العوائد.


من هم المستفيدون؟

بلا شك، تُعد كبرى شركات التكنولوجيا العالمية المستفيد الأكبر من طفرة الذكاء الاصطناعي.
فقد شهدت إيرادات خدمات التخزين السحابي لشركات مثل “مايكروسوفت“، “غوغل“، و”أمازون” نموًا مستمرًا،
في الوقت الذي ارتفعت فيه قيمتها السوقية،
جنبًا إلى جنب مع شركات مثل “إنفيديا“، “أبل“، و”ميتا بلاتفورمز“،
بمقدار إجمالي تجاوز 8 تريليونات دولار خلال العامين الماضيين.

ومع ذلك، لا تزال العوائد الفعلية على الاستثمار بالنسبة للمستخدمين
والعملاء النهائيين غير واضحة حتى الآن،
مما يثير تساؤلات حول مدى استفادة الأطراف الأخرى من هذه الطفرة.

 

 

 

منحنى الركود: التباطؤ ظاهرة طبيعية

شهد الذكاء الاصطناعي ما يُعرف بـ**”منحنى إس”** (S-curve)،
حيث يمر أي تقدم تقني بمرحلة من النمو السريع ثم يتباطأ ليتيح مجالاً للتطور المستدام. هذا التباطؤ، بدلاً من أن يكون عقبة، قد يمثل فرصة لمراجعة الاستراتيجيات الحالية والتركيز على الابتكار.

على سبيل المثال، استغرق تطوير صناعة الطائرات عقوداً حتى
حققت قفزة نوعية مع التحول إلى المحركات النفاثة،
لكن التقدم استمر عبر تحسين الكفاءة والسلامة.
وقد يُحدث الذكاء الاصطناعي تحولاً مماثلاً،
حيث قد تركز الجهود المقبلة على الجوانب الأكثر أهمية
مثل السلامة والأخلاقيات بدلاً من مجرد تحسين القدرات.

 

تحسين النماذج بمعايير جديدة

بدلاً من الاعتماد على البيانات الضخمة فقط،
يستكشف الباحثون طرقاً لتحسين أداء النماذج بعد التدريب،
مثل تعزيز مرحلة الاستدلال عبر إعطاء النماذج وقتاً إضافياً لتحليل الإجابات.
هذا النهج يتماشى مع وصف “أوبن إيه آي” لنموذجها الجديد بأنه الأفضل في “التفكير المنطقي”.

 

فرصة للتنظيم وزيادة الإنتاجية

يرى إريك برينغولفسون، أستاذ الاقتصاد في جامعة ستانفورد،
أن تقنيات جديدة تمر غالباً بفترة ركود في الإنتاجية قبل أن تحقق قفزات كبيرة.
وهذا التباطؤ قد يكون فرصة للشركات لتحسين عملياتها وتبني التكنولوجيا بفعالية أكبر.

كما أن هذا التباطؤ يمنح الجهات التنظيمية الوقت الكافي لوضع تشريعات فعالة
مثل قانون الذكاء الاصطناعي الأوروبي، المتوقع دخوله حيز التنفيذ في عام 2026.

 

الخلاصة

شهد الذكاء الاصطناعي التوليدي تباطؤاً بعد فترة من النمو السريع،
مما دفع الشركات لإعادة تقييم استراتيجياتها. ومع أن التقدم يبدو أقل سرعة،
إلا أنه يمنح فرصة لتعزيز التنظيم، تحسين الإنتاجية،
واستكشاف مسارات جديدة للابتكار. تباطؤ القطار لا يعني توقفه،
بل يمثل استراحة ضرورية قبل انطلاقته التالية.

 

تباطؤ الذكاء الاصطناعي: فرصة لإعادة التقييم أم إشارة للتحديات